وهبي يدعو إلى تقنين العمل عن بعد في المغرب خلال مؤتمر دولي بمراكش

وهبي يدعو إلى تقنين العمل عن بعد في المغرب خلال مؤتمر دولي بمراكش
أكد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل المغربي، التزام الحكومة بتقنين العمل عن بعد كخيار استراتيجي لمواكبة التحولات الرقمية في سوق العمل، وذلك في كلمته خلال المؤتمر الدولي حول "قانون الشغل والتنوع" الذي احتضنته مدينة مراكش من 2 إلى 4 أبريل 2025.

وشهد المؤتمر، الذي نظمته وزارة العدل بالشراكة مع نقابة المحامين الدولية، مشاركة واسعة من خبراء ومختصين يمثلون أكثر من 58 دولة، لمناقشة تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على قوانين الشغل والبيئات العاملة.

انطلقت فعاليات الدورة الثانية من هذا المؤتمر في فندق موفنبيك بمراكش، حيث ركزت الجلسات على قضايا حيوية تشمل حقوق العاملين عن بعد، تحديات الأمن السيبراني، وسبل تحقيق التنوع والشمول في سوق العمل.

وحضر الجلسة الافتتاحية، التي عُقدت يوم الخميس 3 أبريل، عدد من المسؤولين المغاربة والدوليين، من بينهم هشام صبيري، كاتب الدولة المكلف بالتشغيل، إلى جانب وفود تضم ممثلي هيئات قانونية ومنظمات حقوقية ومكاتب محاماة عالمية.

وأبرز المؤتمر طموح المغرب للعب دور بارز في النقاشات الدولية حول مستقبل العمل في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة.

في كلمته الرئيسية، شدد وهبي على أن تقنين العمل عن بعد ليس مجرد استجابة للواقع الجديد، بل جزء من رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي وتوفير فرص عمل مرنة تتجاوز الحدود الجغرافية.

وقال إن الحكومة تعمل على إعداد مشروع قانوني لتنظيم هذا النموذج العملي، يشمل ضوابط واضحة لعقود العمل، حماية حقوق العاملين، وتأمين البيانات الشخصية.

وأضاف أن نجاح هذا التوجه يتطلب تعزيز الأمن السيبراني لمواجهة التهديدات الرقمية المتزايدة، مشيرًا إلى ضرورة وضع معايير صارمة لحماية المعطيات في بيئات العمل عن بعد.

وأشار وهبي إلى أن العمل عن بعد يمكن أن يسهم في تقليص الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية، حيث يتيح للشباب في المناطق النائية فرصًا للعمل مع الشركات دون الحاجة إلى الانتقال إلى المدن الكبرى.

لكنه لفت الانتباه إلى تحديات كبيرة تواجه هذا التحول، مثل ضعف البنية التحتية الرقمية في بعض المناطق، ونقص الوعي القانوني لدى العاملين والشركات حول حقوقهم وواجباتهم في هذا السياق.

ودعا إلى تحديث الترسانة القانونية المغربية بشكل عام لتتماشى مع متطلبات الرقمنة والذكاء الاصطناعي، مستشهدًا بتجارب دول مثل فرنسا وكندا التي نجحت في تقنين العمل عن بعد بعد جائحة كورونا.

تأتي هذه التصريحات في سياق جهود الحكومة المغربية لتعزيز التشغيل، حيث أعلن مجلس الحكومة في فبراير 2025 عن خطة طموحة لخفض معدل البطالة إلى 9% بحلول 2030 عبر إحداث 1.45 مليون منصب شغل. ويُنظر إلى العمل عن بعد كأداة رئيسية في هذه الاستراتيجية، خاصة مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في مختلف القطاعات.

كما تزامن المؤتمر مع تقارير دولية حديثة حذرت من تأثير الذكاء الاصطناعي على نحو 40% من الوظائف عالميًا، مما يعزز أهمية الخطوات التي يتجه إليها المغرب لتكييف قوانين الشغل مع هذا الواقع.

لاقت تصريحات وهبي تفاعلاً واسعاً على المستويين الإعلامي والشعبي. فقد رحبت بعض وسائل الإعلام المحلية بالرؤية الاستباقية، معتبرة أن تقنين العمل عن بعد قد يجذب استثمارات رقمية ويعزز مكانة المغرب كوجهة للعمل عن بعد في المنطقة. في المقابل، أثارت تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي، مثل X، تساؤلات حول جاهزية الشبكات الرقمية في المناطق النائية، ومدى قدرة الحكومة على تطبيق هذه الأفكار عمليًا في ظل التحديات اللوجستية.

ومع اختتام المؤتمر يوم 4 أبريل، يترقب المهتمون صدور بيان رسمي من وزارة العدل يوضح مخرجات النقاشات والتوصيات التي ستوجه الخطوات المقبلة. ومن المتوقع أن تطلق الحكومة مشاورات مع النقابات وأرباب العمل لصياغة الأطر القانونية المقترحة، في خطوة قد تشكل نقلة نوعية في سوق العمل المغربي.

يُظهر هذا الحدث التزام المغرب بمواكبة التطورات العالمية في مجال الشغل، مع تركيز واضح على استغلال التحول الرقمي لتحسين ظروف العمل وزيادة الفرص الاقتصادية. ويبقى السؤال: هل ستتمكن البلاد من تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس يخدم تطلعات مواطنيها؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق